Skip to main content

فشل النظام الدولي مرة أخرى في غزة وخارجها

صورة للأمين العام لمنظمة آكشن إيد  الدولية آرثر لورك

نحن بحاجة إلى تغيير النظام لصالح السلام العالمي والمساواة والإزدهار المشترك."

مقالة بقلم الأمين العام لمنظمة آكشن إيد الدولية،  آرثر لاروك

نيروبي

على مدى ما يقارب الشهرين، تقاربت جهودنا مع جهود منظمات وحركات المجتمع المدني في جميع أنحاء العالم لوقف الموت والمعاناة والدمار في قطاع غزة،لإضفاء الإنسانية والكرامة في هذه الأزمة.

يتأثر موظفونا ومتطوعونا يوميًا بقصص وشهادات النساء والرجال والأطفال المحاصرين في دوامة من القصف والإعتداءات العسكرية. إن هدفنا العاجل هو وقف الإعتداءات المتواصلة التي تحول قطاع غزة بسرعة إلى قطعة ممزقة من الأرض على شاطئ البحر الأبيض المتوسط.

تدين منظمة أكشن إيد الدولية جميع انتهاكات القانون الدولي وجميع أشكال العنف والإعتداءات على المدنيين كونها تمثل اتحادًا قائمًا على الحقوق،ولكننا نؤكد على نقطتين.

أولاً: كان رد إسرائيل غير متناسب، حيث أودى بحياة أكثر من 6000 طفل والتدمير التام للبنية التحتية لمجتمع قائم وفاعل بحجة الدفاع عن النفس.

أدت أسابيع من القصف والغارات الجوية واسعة النطاق إلى مقتل مدنيين أثناء قصفها لمخيمات اللاجئين والمدارس والمستشفيات التي يلجأ إليها النازحون والمباني السكنية. وقد تم تدمير  وتضررحوالي 60% من الوحدات السكنية في غزة، وتحويلها لمباني غير صالحة للسكن، منذ بداية الصراع.  كما تم قتل أكثر 14,800 شخص في  قطاع غزة حسب المسؤولين في غزة حتى  27 تشرين الثاني/نوفمبر بينهم حوالي 6,000 طفل و4,000 امرأة. قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس مؤخرا إن غزة أصبحت "مقبرة للأطفال". ويحدث هذا وسط تشديد إسرائيل حصارها غير القانوني المفروض على غزة منذ 16 عاماً - وهي خطوة وصفها مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بأنها شكل من أشكال العقاب الجماعي والتي تركت الفلسطينيين بدون طعام وماء ودواء ووقود لأسابيع.

والنقطة الملحة الثانية هي المساءلة، وإنعدام المشاركة الفاعلة للدول المؤثرة حول الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الإنساني الدولي في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة.

على سبيل المثال، إن الإتهامات المتزايدة للقوات الإسرائيلية بإرتكاب جرائم الحرب  في قطاع غزة قوبلت بالصمت التام من قِبَل مجموعة من الدول الثالثة والمنظمات الدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي. والواقع  أن هذه الأطراف وغيرها واصلوا تقديم المساعدة السياسية والمالية والعسكرية في بعض الحالات لإسرائيل في هجومها على غزة وفي احتلال الأراضي الفلسطينية عموماً.

لا بد من إصلاح المؤسسات الاقتصادية ومؤسسات السلام والأمن الدولية بشكل عاجل، حيث تخضع هذه  المؤسسات حاليًا للسيطرة والإغلاق من قبل  الدول الغربية التي تدافع عن الاحتلال الإسرائيلي وحقه في الدفاع عن النفس، وتقبل ضمنيًا القتل والتشويه غير المعقول لآلاف النساء والأطفال.

منذ عام 2008، عانت غزة من خمس حروب، وعمليتين تصعدية كبيرة، إعتداءات أخرى من الجو والبر والبحر، إضافة الى الحصار الخانق. ومع ذلك، فإن تحقيق المحكمة الجنائية الدولية الذي بدأ في عام 2021 في  إتهامات جرائم الحرب وغيرها من الفظائع في سياق الأرض الفلسطينية المحتلة، حقق تقدمًا بطيئًا بشكل مؤلم يتم تقويضه من خلال الإفتقار إلى الدعم السياسي وعدم كفاية الموارد. ويتناقض هذا الصمت والتقاعس بشكل صارخ عما حدث في أوكرانيا، حيث طلب عدد غير مسبوق من الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، وأغلبها أوروبية، فتح تحقيق بعد وقت قصير من الغزو الروسي.

نحو نهج إنهاء الاستعمار والنسوية لتحقيق الرخاء والأمن والسلام العالمي

تعمل منظمة  آكشن إيد الدولية  بالشراكة مع المؤسسات التي تقودها النساء والشباب والتي تعمل من أجل العدالة الاجتماعية والمناخية ومساواة النوع الاجتماعي في العديد من حالات الطوارئ حيث توجد أنظمة قمعية استبدادية وعنف سياسي وحروب. ويخبروننا أنه لن يكون هناك سلام دائم بدون تحقيق العدالة في أحداث الماضي، حتى لو توقف العنف. وهذا ينطبق الآن على غزة والضفة الغربية وغيرها.

ولا يزال العديد من ضباط الجيش والسياسيين المسؤولين عن أعمال العنف والفظائع التي تم إرتكابها في السودان أثناء حرب دارفور عام 2003 غير معتقلين ولم يخضعوا للمساءلة. لقد انزلق السودان، منذ نيسان 2023، إلى حرب أهلية كارثية أخرى، مما أدى إلى نزوح اللاجئين إلى إثيوبيا. وتواجه دارفور مرة أخرى أعمال عنف لأسباب عرقية، تم إرتكاب من خلالها فظائع بحق المدنيين لا يمكن تصورها. لقد نزح شعب الروهينغا من ديارهم في ميانمار منذ عقود. في عام 2017، نزحت أعداد غير مسبوقة، ويعيش ما يقارب مليون منهم الآن في مخيمات اللاجئين في بنغلاديش غالبيتهم من النساء والأطفال. ويطالب الروهينجا بالمساءلة والعدالة والعودة الآمنة إلى بلادهم. وقد شهدت ميانمار مؤخراً قتالاً عنيفاً، بما في ذلك في شمال راخين، حيث تم طرد مئات الآلاف بعنف إلى بنغلاديش قبل سنوات.

إن وقف إطلاق النار الدائم في غزة يجب أن يكون الخطوة الأولى نحو إنهاء الاحتلال العسكري الإسرائيلي، وضمان حق  تقرير المصير للفلسطينيين.

إن عملية السعي لإيجاد حل عادل ودائم يجب أن تسير جنباً إلى جنب مع تحقيقات شاملة تجريها هيئات مؤهلة ومستقلة، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية، في جميع الاتهامات الموثقة  بشأن الفظائع الحالية والسابقة. إن صمت أغلب الحكومات الغربية أمر مقلق.

وفي 26 أكتوبر/تشرين الأول، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يدعو إلى "هدنة إنسانية فورية ودائمة ومستدامة" في قطاع غزة. ومع ذلك، امتنع أعضاء الاتحاد الأوروبي مثل السويد والدنمارك وهولندا وألمانيا عن التصويت. وصوتت الولايات المتحدة ضده، واستخدمت في السابق حق النقض (الفيتو) ضد قرار مماثل في مجلس الأمن. ويتطلب هذا الوضع الراهن إعادة التفكير في التمثيل والحوكمة العالميين القائمين .

إن المؤسسات الاقتصادية ومؤسسات السلام والأمن الدولية بحاجة إلى إصلاح عاجل.

وتخضع هذه الهيئات حاليًا للسيطرة والإغلاق من قبل  الدول الغربية التي تدافع عن الاحتلال الإسرائيلي وحقه في الدفاع عن النفس، وتقبل ضمنيًا القتل والتشويه غير المعقول لآلاف النساء والأطفال. وهناك حاجة إلى المزيد من الأصوات من أفريقيا وآسيا والأمريكتين وخاصة من النساء والشباب الذين يتبنون نهجاً نسوياً مناهضاً للاستعمار لتحقيق  الإزدهار والأمن والسلام العالمي في هذه الهيئات متعددة الأطراف.

سوف تتبنى هذه الأصوات الجديدة وسائل الحوار والتفاوض باعتباره الخيار الأول بدلاً من الحلول العسكرية والعنيفة والحلول قصيرة الامد.  كما أنهم سيعملون كحماة وحراس للسلام الدائم والشامل في غزة، فضلاً عن حماية 2 مليار إنسان، أو ربع سكان العالم، الذين يعيشون في خوف وسط القمع السياسي، والاضطرابات، والصراعات العنيفة.

نحن بحاجة إلى تغيير النظام من أجل السلام العالمي والمساواة والإزدهار المشترك.