من الحرب إلى الأمل: مجموعة العمل الإنساني الشبابية -فلسطين نموذج لدور الشباب الهام في قيادة الإستجابة الإنسانية
الأراضي الفلسطينية المحتلة- تعيش الضفة والغربية وقطاع في حالة دائمة من الطواري بسبب استمرار الاحتلال الإسرائيلي وما ينجم عنه من حرمان الفلسطينيين من جميع حقوقهم الإنسانية الأساسية وزيادة التصعيد العسكري والحروب العسكرية المتكررة ضد قطاع غزة وآخرها الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ شهر تشرين الأول لعام 2023، التي قتلت ما يزيد على 43,000 فلسطيني، فيما تتواصل آثارها المدمرة على جميع نواحي الحياة ونزوح ما يزيد 85% من سكان القطاع وتدهور الأوضاع الإنسانية. هذه الظروف لا تتطلب فقط إشراك الشباب والنساء في الجهود الإنسانية، بل تستوجب أيضا وضعهم في مركز قيادة الاستجابة الإنسانية.
تعمل مؤسسة آكشن إيد- فلسطين في هذا السياق على تعزيز ودعم قدرة الشباب على الاستجابة والتأهب لحالات الكوارث والطوارئ والصدمات الجديدة من خلال تزويدهم بالمهارات والمعرفة المطلوبة. عملت مؤسسة آكشن إيد -فلسطين على تأسيس ودعم مجموعة العمل الإنساني الشبابية – فلسطين، التي تضم في عضويتها شباب ناشطين من الضفة الغربية وقطاع غزة ويضطلعون بدورهام في تنفيذ العديد من المبادرات والأنشطة الإنسانية وتنظيم حملات الحشد والمناصرة لمناصرة حقوق الإنسان والحقوق الفلسطينية وتحدي الهيكل الإنساني القائم في الأراضي الفلسطينية. يتحدث خالد (30 عاما ) أحد أعضاء المجموعة الناشطين من قطاع غزة عن أهمية إشراك الشباب في العمل الإنساني : " ليس سراً أن الشباب يلعبون دورًا حيويًا في أي عملية تنموية في جميع المجتمعات. نحن نؤمن بالدور الحقيقي والفعّال الذي يقوم به الشباب خلال الأزمات والكوارث أو فترات الحرب".
تساعد مؤسسة آكشن إيد- فلسطين أعضاء هذه المجموعة على بناء قدراتهم في مجال التشبيك وبناء العلاقات مع المؤسسات المحلية والدولية والمجموعات العنقودية الخاصة بالعمل الإنساني والتنموي في الأراضي الفلسطينية. كما يتم دعم مشاركتهم في العديد من المؤتمرات والتدريبات الدولية لتعزيز قدرة الشباب على المناصرة والتشبيك وبناء التحالفات مع المجموعات الإنسانية والشبابية الفاعلة المناصرة لحقوق الشعب الفلسطيني وحقوق المضطهدين ومن أجل ضمان تطوير أنظمة إنسانية فعالة على المستوى الوطني والإقليمي والدولي.
تعزيز النهج التشاركي في تصميم الاستجابة الإنسانية
يعمل أعضاء المجموعة على تصميم مبادراتهم وتدخلاتهم اعتمادا على النهج التشاركي في العمل الإنساني المبني على تقييم وتحديد احتياجات المجتمع من خلال عقد اللقاءات والمشاورات مع أفراد المجتمع المحلي والشركاء من المؤسسات المحلية والدولية فورا بعد حدوث الكوارث والأزمات لبناء وتصميم الاستجابة الإنسانية. تتحدث ولاء من قطاع غزة وهي إحدى الشابات النشيطات في المجموعة عن أهمية هذا النهج: " تتبنى مجموعة العمل الإنساني الشبابية- فلسطين النهج التشاركي في العمل مع المجتمع ؛ إذ إن أي تدخل نقوم به أو رسالة ضغط أو مناصرة ندعو إليها، تكون دائمًا نابعة من مشاورات وتوافقات بين المجموعة وأفراد المجتمع".
إشراك الشباب في العمل الإنساني وسيلة لتمكين الشباب في عمليات صنع القرار
يعمل أعضاء المجموعة في ظل ظروف صعبة ومعقدة بسبب إستمرار الحرب، يعاني الشباب في قطاع غزة من النزوح وفقدان الأهل والأصدقاء والجروح وفقدان الحق في التعليم والصحة وفرص العمل وتدمير البنية التحتية للأحياء والمدارس والجامعات والضغوطات النفسية بسبب إستمرار الحرب. كما يتعرض الشباب والنشطاء الفلسطينيون في الضفة الغربية للإعتقالات التعسفية والتعرض للقتل في ظل الإقتحامات العسكرية الإسرائيلية المتكررة للمدن والمخيمات وقيود الحركة وإغلاق المدن. لم تمنع هذه الظروف أعضاء مجموعة العمل الإنساني من إمتلاك الإرادة وزمام المبادرة لتنفيذ مبادرات إنسانية، تساعد على تعزيز صمود مجتمعهم وتمكينهم في عمليات صنع القرار التي تتعلق بالعمل الانساني للشباب وإكتساب المهارات القيادية الضرورية لبناء مستقبل أفضل لفلسطين.
بتحدث خالد، الذي تعرض للتهجير القسري عدة مرات بسبب الهجمات العسكرية الإسرائيلية على غزة خلال العام الماضي. يقول: "لقد عشت نفس الظروف التي واجهها الآخرون [الفلسطينيون وعائلاتهم]. عشنا من تهجير إلى آخر. لقد أثر هذا سلبًا على حياة الجميع. يعرف الجميع في قطاع غزة، وحتى خارجه، أن التهجير هو أحد أصعب جوانب الحرب بسبب الألم والمعاناة التي يتحملها الناس . تهدف إحدى مبادراتنا إلى تحسين الرفاهية النفسية للأطفال في مراكز الإيواء ومخيمات النزوح."
الشباب شركاء في قيادة الإستجابة الإنسانية وبث الأمل لبناء مستقبل أفضل لفلسطين
عمل أعضاء المجموعة في قطاع غزة على تنفيذ العديد من المبادرات التعليمية التي تستهدف الأطفال النازحين الذين فقدوا حقهم في التعليم بسبب تدمير المدارس والمراكز التعليمية . كما عملوا على تنظيم العديد من أنشطة الدعم النفسي والإجتماعي من خلال تنفيذ سلسلة من مهرجانات الامل التي تشمل أنشطة موسيقية وفنية وغنائية وتفريغية لرسم البسمة على وجوه الأطفال في مراكز الإيواء والتخفيف من الضغوطات النفسية التي يعانون بسبب الخوف من القصف وفقدان الاب والأم والنزوح.
لم تكن مبادرات المجموعة مقتصرة على الأطفال في قطاع غزة، بل ركزت أيضا على تنظيم جلسات توعوية تستهدف أفراد المجتمع حول قضايا مرتبطة بآثار الحرب مثل عقد ورشات توعوية لرفع الوعي حول مخاطر الذخائر غير المنفجرة المنتشرة في قطاع غزة بسبب الغارات الجوية الاسرائيلية واسعة النطاق حيث أصبحت غزة مغطاة بحوالي 37 مليون طن من الركام، ووجود عدد لا يحصى من الذخائر غير المنفجرة التي لا تزال تحت الأنقاض. ستظل وجود الذخائر غير المنفجرة يشكل تهديدًا مميتًا لسنوات قادمة. مما يشكل خطرًا قاتلاً على الفلسطينيين أثناء عودتهم إلى أنقاض منازلهم المدمرة.
عمل خالد وولاء على تنفيذ جلسات تعليمية حول المخاطر حيث قاموا بتحديد أنواع مختلفة من الذخائر الغير منفجرة، وشرح المخاطر المرتبطة بها، وتعليم طرق الحماية. تناولت المواضيع الأخرى التعرف على علامات التحذير، وممارسة السلوك الآمن، والتعامل مع الحالات الطارئة.
..
تتحدث ولاء :" إن رفع الوعي حول الذخائر الغير منفجرة أمر بالغ الأهمية في قطاع غزة حيث لا يوجد مكان آمن والقصف عشوائي في كل مكان. الأشخاص الذين لا يفقدون حياتهم أو أطرافهم [في الحرب] قد يفقدون حياتهم أو أطرافهم أثناء اللعب بالقرب من الذخائر الغير منفجرة أو لمسها. إن هذه الورش ضرورية لرفع الوعي في المجتمع، وخاصة بين الأطفال، لأن لديهم فضولاً لاستكشاف كل شيء. من المهم جداً إجراء وتنظيم جلسات لرفع وعيهم حول الذخائر الغير منفجرة وإنقاذ حياتهم من خلال الممارسات التي ينبغي اتباعها عندما يرون هذه المواد في غزة."
تستهدف مبادرات المجموعة في الضفة الغربية المناطق والفئات الأكثر تضررا من التصعيد العسكري المتواصل التي تتعرض بشكل مستمر للإقتحامات الإسرائيلية وتدمير البنية التحتية مثل مخيمات شمال الضفة الغربية. شملت تلك المبادرات توزيع الحصص الغذائية والحقائب الصحية وحقائب الكرامة والمواد والمستلزمات الشتوية على النساء والعائلات المتضررة. كما تم تقديم الدعم المالي لمسرح الحرية في مخيم جنين للاجئين لدعم مهرجان سينمائي مسرحي، يسلط المهرجان الضوء على الانتهاكات الإنسانية في فلسطين وعرض تأثير القيادة النسوية أثناء حالات الطوارئ. وبالإضافة إلى ذلك، تضمنت حلقات عمل تفاعلية للأطفال والشباب.
إن الأهداف السامية والنبيلة المشتركة التي يجمع أعضاء المجموعة على تحقيقها تتمثل في خدمة المجتمع وتعزيز دور الشباب في قيادة العمل الإنساني.
يتحدث خالد: " إن السبب الرئيسي لانضمامي إلى مجموعة العمل الإنساني الشبابي هو إيماني، إلى جانب زملائي، بأهمية وجود الشباب في مواقع صنع القرار في القطاع الإنساني.. الشباب هم العمود الفقري لأي مجتمع. هم جزء لا يتجزأ من النظام في أي دولة في جميع أنحاء العالم .إن العمل الذي يخدم مجتمعك يجلب لك الراحة، وهذه مشاعر أشاركها مع زملائي... كل واحد منا يواجه قضاياه وعقباته الخاصة. ما يهم هو كيفية تجاوزك لهذه العقبات وكيفية تحسينك بناءً على الدروس التي تعلمتها. نأمل أن نترك بصمة ونحدث فرقًا في كل جانب. نأمل في تحقيق هدفنا النبيل في دمج الشباب في أدوار صنع القرار والحفاظ على مشاركتهم في العمل الإنساني.".
نبذة عن مؤسسة آكشن إيد الدولية
مؤسسة آكشن إيد الدولية هي اتحاد عالمي يعمل مع ما يزيد على 41 مليون شخص يعيشون في أكثر من 72 دولة من الدول الأكثر فقرًا. نسعى لرؤية عالم يتسم بالعدالة والاستدامة، حيث يتمتع كل فرد بالحق في الحياة الكريمة والحرية، وعالم خالٍ من الفقر والاضطهاد. نعمل لتحقيق العدالة الاجتماعية ومساواة النوع الاجتماعي واستئصال الفقر.
باشرت مؤسسة آكشن إيد-فلسطين عملها في فلسطين في عام 2007 لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني إيمانًا في حقه بالتمتع بالحرية والعدالة وحق تقرير المصير. تنفذ مؤسسة آكشن إيد-فلسطين عدة برامج من خلال انخراطها مع المجتمع الفلسطيني والمجموعات الشبابية والنساء، حيث تسعى إلى تمكين النساء والشباب وتعزيز مشاركتهم المدنية والسياسية الفاعلة لفهم حقوقهم والاضطلاع بالنشاط الجماعي للتعامل مع انتهاكات الحقوق الناجمة عن الاحتلال طويل الأمد، إضافة إلى تحسين قدرتهم القيادية وممارسة مواطنتهم في مساءلة السلطات والجهات المسؤولة الأخرى.
لمزيد من المعلومات، يرجى الاتصال بـ:
رهام جعفري
مسؤولة التواصل والمناصرة في مؤسسة آكشن إيد-فلسطين
البريد الإلكتروني: Riham.Jafari@actionaid.org