Skip to main content

الحمل والولادة كابوس لنساء غزة وسط الحرب والمجاعة.

الحمل والولادة كابوس لنساء غزة وسط الحرب والمجاعة.

قطاع غزة - لم يعد الحمل وإستقبال طفل جديد مناسبتين سعيدتين للنساء والعئلات في غزة منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة في تشرين أول 2023.لقد أصبح الحمل والولادة بمثابة كابوس بالنسبة للنساء الحوامل والأمهات الجدد. اللواتي لا يجدن   مستشفيات عاملة، أو رعاية ما قبل الولادة، أو أدوية أساسية.

منى أم جديدة أنجبت حديثا في مستشفى العودة في غزة  بعد رحلة حمل مرهقة وسط ظروف الحرب والنزوح والمجاعة والعطش ونقص رعاية الأمومة.  قد تكون منى محظوظة لأنها تمكنت من الوصول إلى المستشفى، لكن حملها لم يكن سهلاً، إذ كان مليئاً بالمخاوف والتعب، والمشي تحت القنابل التي لا تزال تتساقط بالقرب من حيها في غزة.

شعرت منى بالطفل يدور داخل بطنها بينما كانت الأرض تهتز، والغبار يتصاعد من السقف. في الخارج، كانت السماء مضاءة باللون البرتقالي الغاضب الناتج عن الانفجارات. وتذكرت الليالي التي كانت تدير فيها ظهرها على الحائط، وتتنفس بصعوبة، وتحاول تهدئة الطفل بداخلها.

لم يكن هناك مكان آمن في غزة. وكان من الصعب عليها الوصول إلى مستشفى العودة الذي كانت تخطط للولادة فيه، وكان بالكاد يعمل، وكان يعج بالجرحى ورائحة الدم. وواجهت تحديات هائلة رغم الركام على الطرق والحواجز ونقص الوقود لسيارات الإسعاف. وصفت منى لحظات المخاض في مراكز الإيواء: “جلست على أغطية رقيقة على الأرضية الباردة لمركز الإيواء التي تحتمي بها مئات الأسر النازحة. لم تكن هناك خصوصية. تجمعت النساء حولي لحمايتي وإعطائي بعض الخصوصية. لا يوجد إضاءة ولا كهرباء.  

منى امرأة نازحة تعاني من الجوع والعطش ونقص الملابس والضروريات الأساسية بسبب منع دخول كافة المساعدات الإنسانية إلى غزة. لم تتمكن من العثور على مسكنات للألم عندما صرخت من الألم ولم تكن هناك أدوات معقمة. تقول منى: “لم يكن هناك طعام متاح — كنا نأكل الأطعمة المعلبة، ولكن في النهاية، حتى تلك نفدت، ولم يكن لدينا ما نأكله. كنا نخبز على النار، ولكن لم يكن هناك حطب. لقد واجهنا صعوبة في العثور على ورق أو قطعة قماش لحرقها. لقد تم قصف منزلنا، وتم استهدافنا أكثر من ثلاث مرات. كان علينا مغادرة منزلنا في كل مرة، وفي النهاية، انتهى بنا الأمر بالعيش في خيمة.

منذ بداية الحرب، تفتقر النساء الحوامل في غزة إلى الرعاية الصحية ولا يستطعن الوصول إلى مراكز رعاية الأمومة منذ بداية الحرب بسبب القصف المستمر وتدمير المرافق الصحية وعرقلة الإمدادات والمعدات الطبية.  عانت منى من صداع حاد لا يطاق بشكل مستمر. وتتذكر أنه قبل أيام من الحرب عندما كانت مستشفيات غزة تعمل، كانت تذهب إليها على الفور. لكن ذلك كان قبل الحرب، قبل الحصار. لكن الحرب غيرت هذا الواقع : “لم أتمكن أبدًا من الحصول على دوائي، ولم تكن هناك وسائل نقل متاحة. كنا نسير مسافات طويلة لجلب الماء وحمله".

استقبلت منى مولودها الجديد في غزة في ظل ظروف من الدمار والخوف. في مراكز الإيواء المكتظة والمستشفيات المدمرة، تكافح منى للحفاظ على دفء طفلها وإطعامه، بينما يهز التهديد المستمر بالغارات الجوية الجدران الهشة. وتظل الحاضنات غير عاملة بسبب نقص الوقود، كما أن الأدوية المنقذة للحياة نادرة أو يتم منع إدخالها لقطاع غزة. حتى صرخة الطفل الأولى تطغى عليها هدير القنابل. في هذه الأرض التي مزقتها الحرب، فإن الأمل الأبسط —في أن يكبر الطفل آمنًا— هو عمل يومي من التحدي والحب. قالت منى: “أنا أعاني، وابنتي ضعيفة للغاية لأنه لا يوجد طعام. لا يمكننا تناول وجبة واحدة لعدة أيام".

منى ليست وحدها. في مختلف أنحاء غزة، هناك 60 ألف امرأة حامل يواجهن صعوبة في الوصول إلى المستشفيات العاملة أو مراكز صحة الأمومة، والرعاية ما قبل للولادة، والأدوية الأساسية، والموجات فوق الصوتية، والولادات الآمنة. ويتعرض الكثير منهن لعمليات قيصرية دون تخدير أو مضادات حيوية. وفي بعض الحالات، تنزف النساء حتى الموت أثناء الولادة. يتعرض الأطفال الخدج لخطر الوفاة في الحاضنات بسبب عرقلة احتياجات الوقود اللازمة لتشغيل المستشفيات. ترتفع حالات الإجهاض بشكل كبير بسبب التوتر والصدمات والمجاعة. ومازالت القنابل تسقط. ومع ذلك، فإن الحصار يخنق النظام. إن الأمهات في غزة لا يكافحن من أجل حياتهن فحسب، بل من أجل  حياة و إطعام طفل يولد في ظل الحصار والجوع والخوف.

منى كأمهات أخريات في غزة تحمل طفلها رغم ضعفها وتغني لابنتها بالدموع لتشجيعها على النوم للتغلب على الجوع. لم يكن هناك طعام سوى قطعة خبز قديمة لمشاركتها. تم تقنين المياه. تنتشر الأمراض  بسرعة. حاولت الحفاظ على نظافة إبنتها بقطعة قماش مبللة بالماء الملوث.

منى محظوظة بالبقاء على قيد الحياة لكن معاناتها مستمرة لأنها قلقة طوال الوقت بشأن حماية ابنتها عندما تسقط القنابل على شارعها. تتخذ منى كافة الإجراءات لإنقاذ ابنتها من خلال الإمساك بإبنتها من معصميهن والركض حافية القدمين وسط الدخان. ولم يكن لديها الوقت لجمع الملابس، أو الطعام، أو حتى شهادة ميلاد طفلها الأصغر.

تعاني النساء والفتيات والأمهات الجدد والنساء الحوامل والمسنات. الفتيات اللاتي قُتلت أمهاتهن أثناء الحرب، مسؤولات عن رعاية  الأطفال الأشقاء. وتنهار نساء مسنات أخريات بسبب الحرارة والجفاف أثناء انتظارهن في طوابير الطعام التي لا تتقدم   أبدًا.

إن فقدان الأطفال هو ألم كبير ودائم لدى الأمهات في غزة حيث تسيطر على النساء مشاعر الحزن الدائمة  على فقدان أطفالهن وتضطر بعض الأمهات إلى دفن أطفالهن في قبور ضحلة بالقرب من مركز الإيواء.

إن أمنية ومطلب منى الوحيد هو وقف هذه الحرب وإنهاء هذه المعاناة. قالت منى “أتمنى العودة إلى حياتي العادية وأن يكون لدي منزل أعيش فيه، وملابس أرتديها، وفراش — لأن كل شيء تم تدميره وحرقه". 

نبذة عن مؤسسة آكشن إيد الدولية 

مؤسسة آكشن إيد الدولية هي اتحاد عالمي يعمل مع ما يزيد على 41 مليون شخص يعيشون في أكثر من 72 دولة من الدول الأكثر فقرًا. نسعى لرؤية عالم يتسم بالعدالة والاستدامة، حيث يتمتع كل فرد بالحق في الحياة الكريمة والحرية، وعالم خالٍ من الفقر والاضطهاد. نعمل لتحقيق العدالة الاجتماعية ومساواة النوع الاجتماعي واستئصال الفقر

باشرت مؤسسة آكشن إيد-فلسطين عملها في فلسطين في عام 2007 لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني إيمانًا في حقه بالتمتع بالحرية والعدالة وحق تقرير المصير. تنفذ مؤسسة آكشن إيد-فلسطين عدة برامج من خلال انخراطها مع المجتمع الفلسطيني والمجموعات الشبابية والنساء، حيث تسعى إلى تمكين النساء والشباب وتعزيز مشاركتهم المدنية والسياسية الفاعلة لفهم حقوقهم والاضطلاع بالنشاط الجماعي للتعامل مع انتهاكات الحقوق الناجمة عن الاحتلال طويل الأمد، إضافة إلى تحسين قدرتهم القيادية وممارسة مواطنتهم في مساءلة السلطات والجهات المسؤولة الأخرى

لمزيد من المعلومات، يرجى الاتصال بـ

رهام جعفري  

مسؤولة التواصل والمناصرة في مؤسسة آكشن إيد-فلسطين  

البريد الإلكترونيRiham.Jafari@actionaid.org