مؤسسة آكشن إيد -فلسطين تدعم مبادرة شبابية "من جيل إلى جيل" لإعادة إحياء الموروث الشعبي الفلسطيني كأداة لتعزيز الصحة النفسية والتماسك المجتمعي .
الأرض الفلسطينية المحتلة – طولكرم – تجتمع النساء النازحات من مخيم نور شمس وطولكرم اللواتي يعيشن ظروفا صعبة وتحديات نفسية واجتماعية متراكمة مع نساء آخريات في قرية إكتابا بمحافظة طولكرم في شمال الضفة الغربية للإستفادة من الأنشطة التراثية والفنية والنفسية التي تنفذها مبادرة شبابية "من جيل إلى جيل – الألعاب الشعبية كأداة تفريغ نفسي". توفر هذه المبادرة مساحة جديدة للتعافي والفرح الجماعي.عمل فريق "بقجة" الشبابي، على قيادة هذه المبادرة بدعم من مؤسسة آكشن إيد فلسطين ، ومؤسسة دالية المجتمعية، ونادي إكتابا الرياضي، والمجلس القروي. هدفت المبادرة على توفير الدعم اللوجستي والمساحات المجتمعية، مما عزز ملكية المجتمع للمبادرة وضمن مشاركة واسعة من النساء والعائلات من مخيمي طولكرم ونور شمس وقرية إكتابا لتعيد إحياء الموروث الشعبي الفلسطيني وتوظيفه كأداة لتعزيز الصحة النفسية والتلاحم المجتمعي.
منذ انطلاق المبادرة في 15 تشرين أول وحتى 22 كانون الأول 2025، تم تنفيذ خمس ورش مكثفة، تخللها أنشطة جماعية وألعاب تراثية، وصولًا إلى اليوم المفتوح الذي جمع أكثر من 50 أسرة. لم يكن النشاط مجرد ورش تفاعلية، بل تحول إلى مساحة آمنة ترجع النساء فيها إلى طفولتهن، وتعيد تشكيل العلاقات الإنسانية في ظل أزمات النزوح وتفكك الروابط الاجتماعية.
كان لفريق "بقجة" بصمة واضحة في تصميم الأنشطة وتنفيذها، حيث قدم الشباب نموذجًا ملهمًا في القيادة المجتمعية. فقد عمل الفريق على تحويل فكرة بسيطة تتمثل في تحويل الألعاب الشعبية إلى برنامج متكامل للتفريغ النفسي، ناقلين الثقافة الشعبية من جيل إلى جيل، وجاعلين منها وسيلة لخلق الأمان والانتماء ومواجهة الضغوط.
يتحدث مضر زهران أحد الشباب على مبادرة بقجة: " كل انسان فلسطيني بداخله طفل يبحث عن الفرح ويشعر بالحنين للتفاصيل التي سلبت منا بحكم تسارع وتزاحم الاحداث. في بقجة، كانت الالعاب والحكايات والاهازيج اداة للتفريغ المشارك لا يتلقى بل يعيش التجربة بنفسه يلعب، يروي، ويغني، ليخلق مساحة حقيقية للتعبير والتفريغ، ومساحة للتبادل الثقافي وتعزيز الانتماء"
انخرطت المشاركات خلال الورش الخمس، في ممارسة بعض الألعاب الشعبية مثل شد الحبل، الغميضة، السبع حجار، الحجلة والبنانير، إلى جانب جلسات تفريغ نفسي وغناء تراوويد وأهازيج شعبية. ساهم ذلك في منح النساء فرصة لاستعادة ذكريات الطفولة وبناء علاقات جديدة مبنية على الألفة والثقة.
تخلل هذه المبادرة يوم مفتوح عملت النساء من خلاله على تجهيز البقج التراثية وتصميم زوايا تشبه البيوت القديمة وإعداد مأكولات شعبية. جسدت النساء روح "العونة" الفلسطينية من خلال اليوم المفتوح ليصبح العمل الجماعي جزءًا من عملية التعافي ذاتها. أما اليوم المفتوح، فقد كان نقطة التحول الأكبر حيث شاركت العائلات والأطفال، لتنتقل التجربة إلى المنازل وتصبح ممارسة يومية تُعيد للذاكرة الجماعية دفئها.
نجحت المبادرة في خلق مساحة آمنة للتعبير والاسترخاء وبناء روابط قوية بين نساء القرية ونساء نازحات. تساهم العديد من أنشطة المبادرة على إعادة إحياء ممارسات تراثية لتعزيز الهوية المشتركة وتقوية الدعم المتبادل داخل المجتمع وتعزيز الثقة الاجتماعية لدى الفئات المستهدفة
تقول السيدة ختام عمارة، إحدى المستفيدات من المبادرة: "أتاحت لنا هذه الورش فرصة الاجتماع من جديد، واستعادة دفء العلاقات التي افتقدناها طويلًا، وعادت بنا إلى ذكريات الماضي الجميل رغم الوجع. عملت هذه الورش على راحة نفسيّة حقيقية. شعرت أنني أستطيع أن أتنفّس من جديد… أصبح هناك ترابط وتكافل بيننا، وعدنا نشعر بأننا عائلة واحدة."
بالنسبة لها، لم تكن المبادرة نشاطًا ترفيهيًا، بل حكاية تعافٍ جماعي وتجديد للأمل.
تسعى هذه المبادرة إلى تعزيز دور الشباب في خطط التعافي المجتمعية وتعزيز الصمود المجتمعي من خلال العمل الشبابي الذي يهدف الى الاستجابة للإحتياجات الملحة للمجتمع . شكل فريق "بقجة" نموذجًا حيًا لدور الشباب في بناء مبادرات ذات أثر ملموس. فقد تولى الشباب مسؤوليات التخطيط والتنفيذ والتواصل، وكانوا جسرًا بين المؤسسات والمجتمع، ونجحوا في تحويل فكرة بسيطة إلى تجربة إنسانية مؤثرة.
تظهر هذه المبادرة أن القيادة الشبابية قادرة على خلق فرص تعافٍ واندماج اجتماعي في أكثر الظروف صعوبة، وأن المروث الشعبي ليس مجرد ذاكرة، بل علاج ممتد عبر الأجيال. يلعب الشباب دورًا محوريًا في دعم الاجيال المختلفة سواء جيل الكبار أو الصغار وخلق جسور تواصل إنساني واجتماعي معهم، خاصة في ظل التغيرات المتسارعة التي يعيشها المجتمع. يستطيع الشباب إعادة ربط كبار السن بدوائر اجتماعية أوسع، وتعزيز شعورهم بقيمتهم ودورهم التاريخي. وبتوثيق قصصهم، والاستفادة من خبراتهم، ونقل معارفهم إلى الجيل الجديد، أصبح كبار السن جزءًا فاعلًا في الحراك المجتمعي بدلًا من العزلة والتهميش. كما يساهم الشباب في تلبية احتياجاتهم اليومية والمعنوية، وخلق بيئة دافئة تستعيد روح التكافل والعونة، ليعود التواصل بين الأجيال سبيلاً لحماية الموروث الثقافي وبناء جسور سلام داخلي بين الماضي والحاضر.
نبذة عن مؤسسة آكشن إيد الدولية
منظمة آكشن إيد الدولية هي إتحاد عالمي تعمل مع ما يزيد على 41 مليون شخص في أكثر من 72 من دول العالم الأكثر فقرا. نسعى لرؤية عالم يتسم بالعدالة والإستدامة، حيث يتمتع كل فرد بالحق في الحياة الكريمة والحرية وعالم خال من الفقر والإضطهاد. نعمل لتحقيق العدالة الاجتماعية ومساواة النوع الاجتماعي وإستئصال الفقر. باشرت منظمة آكشن إيد عملها في فلسطين في عام 2007 لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني إيمانا في حقه بالتمتع بالحرية والعدالة وحق تقرير المصير. تنفذ مؤسسة آكشن إيد في فلسطين عدة برامج من خلال إنخراطها مع المجتمع الفلسطيني والمجموعات الشبابية والنساء حيث نسعى الى تمكين النساء والشباب وتعزيز مشاركتهم \هن المدنية والسياسية الفاعلى لفهم حقوقهم\هن والاضطلاع بالنشاط الجماعي للتعامل مع إنتهاكات الحقوق الناجمة عن الإحتلال طويل الأمد، إضافة إلى تحسين قدرتهم القيادية وممارسة مواطنتهم في مساءلة السلطات والجهات المسؤولة الأخرى.
لمزيد من المعلومات يرجى التواصل على البريد الإلكتروني مع
مسؤولة التواصل والمناصرة في مؤسسة آكشن إيد-فلسطين رهام جعفري