Skip to main content

قصة فؤاد: نموذج للقيادة الشابة ذات التأثير الكبير التي تصنع مستقبل العمل الإنساني

فؤاد بنات

الأرض الفلسطينية المحتلة – لقد غيّرت الحرب المستمرة ضد قطاع غزة منذ أكتوبر 2023 حياة الشباب الذين تحطمت أحلامهم. فؤاد (31 عامًا) شاب كان يحلم يومًا ما ببناء حياة بسيطة ومستقرة في غزة. قبل عام من الحرب، افتتح متجرًا صغيرًا. بالنسبة له، لم يكن مجرد مشروع تجاري، بل كان دليلًا على أنه حتى في ظل الحصار، يستطيع الشاب أن يحلم ويخطط ويحقق شيئًا خاصًا به.

كانت الظروف المعيشة للشباب في غزة صعبة حتى قبل الحرب بسبب الحروب المتكررة والحصار المستمر منذ 17 عامًا. يصف فؤاد تلك الظروف قائلاً: "بصفتي شابًا، أتأثر بشكل مباشر بالاحتلال، إذ إن الانتهاكات طالت جميع حقوقي — وهي حقوق مكفولة بالقوانين والمعايير الدولية — وخاصة تلك المتعلقة بحرية الحركة والسفر. فعلى سبيل المثال، إذا عُقد مؤتمر دولي، فللأسف لا أستطيع حضوره بسبب سني كشاب.  لا أستطيع السفر أو الوصول إلى الضفة الغربية أو القدس من خلال المعابرلقد كان للحصار أيضًا تأثير مباشر على الوضع الاقتصادي. ونتيجة لذلك، فإن الفرص المتاحة للشباب في هذا السياق محدودة للغاية". 

لكن عندما اندلعت الحرب في أكتوبر 2023، تدهورت تلك الظروف يومًا بعد يوم، وتحطمت أحلام الشباب في لحظة واحدة. تم قصف منزل فؤاد، وتحول متجره—مشروعه الخاص إلى أنقاض. بعد قصف المنزل، اضطرّت عائلة فؤاد للنزوح والتنقل من مأوى إلى آخر. وأثناء الرحلة، كانت القنابل تتساقط على الفارين، وقضى فؤاد ساعات وهو يخشى أن يفقد كل من يحبهم.

بالنسبة لفؤاد وللكثير من الشباب في غزة، لم تدمّر الحرب المباني فقط، بل مزّقت أيضًا أساسيات التعليم، والعمل والصحة والأمان. أُغلقت المدارس، وتحوّلت الجامعات إلى ركام، وفقدت أجيال كاملة من الشباب فرصة التعلم. ومع استمرار الحرب، أصبح مستقبل الشباب مثل فؤاد غامضًا تشوبه حالة إنعدام اليقين. يقول فؤاد: "أحيانًا أتساءل هل من الممكن أن أبدأ من جديد؟ إذا أعادتُ البناء، هل سيتم تدميره مرة أخرى؟"

رغم هذه الظروف، حاول فؤاد استغلال كل الفرص المتاحة للشباب. وقد تم إعطاء الفرصة له أن يكون جزءًا من الفريق التأسيسي لإنشاء مجموعة العمل الإنساني الشبابية - فلسطين بدعم من أكشن إيد فلسطين في عام 2022. يقود أعضاء هذه المجموعة مبادرات إنسانية مختلفة تستجيب للاحتياجات الناتجة عن هذه الحرب والحروب السابقة. بدأوا بالتطوع، من خلال نصب الخيام للعائلات النازحة والمساعدة في توزيع الغذاء والماء والإمدادات الطبية حيثما أمكن. كما تمكنت مجموعات الشباب في قطاع غزة من تنفيذ العديد من الأنشطة النفسية في أماكن آمنة — على الأقل حيثما كان ذلك ممكنًا — على الرغم من ندرة الأماكن الآمنة، وذلك كنوع من الأنشطة التفاعلية التي تخفف من التأثير النفسي لهذه الحرب على الأطفال. 

يتم تدريب الشباب في غزة على قيادة الاستجابة الإنسانية ليكونوا جاهزين لمواجهة جميع حالات الطوارئ. يقول فؤاد:"لدي إيمان بأن الشباب بأن عليهم أن يلعبوا دورًا إنسانيًا في كل مرحلة من حياة شعبنا، خلال الحرب وقبلها. لقد عملوا كمتطوعين في الميدان، مقدمين أنشطة تخدم المجتمع خلال الحروب والأزمات. يقودون هذه الأنشطة، بحيث يكونون حاضرون على الأرض كجماعات وشبكات شبابية عند وقوع أي أزمة. خلال الحرب، تجتمع هذه الشبكات، وتخطط، وتتعاون مع المؤسسات المحلية، وتبدأ في تنفيذ أنشطة مباشرة لكل أزمة يواجهها شعبنا الفلسطيني".

تعلم فؤاد الكثير من أنشطة مجموعة العمل الإنساني الشبابية-فلسطين. أدرك من خلالها أنه حتى في أوقات اليأس، يمكن للشباب أن يقودوا المبادرات. تعلّم فؤاد كيفية تقييم الاحتياجات، والتنسيق مع المنظمات، ونقل المعرفة إلى متطوعين شباب آخرين. كما اكتشف أن قوة شباب غزة لا تكمن فقط في القدرة على الصمود، بل أيضًا في مساعدة الآخرين على الصمود والبقاء على قيد الحياة.

اليوم، يؤمن فؤاد بأن الشباب يجب ألا يكونوا مجرد مستجيبين في الميدان، بل أيضًا صانعي قرار في صياغة الحلول الإنسانية والسياسية. ويشرح قائلاً: نحن المتواجدون على الأرض، نحن نعرف الاحتياجات، لكننا غائبون عن صنع القرار. وهذا يجب أن يتغير."

يقوم نهج أكشن إيد في دعم الشباب على اعتبارهم فاعلين نشطين للتغيير، مما يشجع على مشاركة الشباب وانخراطهم. يقول فؤاد: " ما يمنحني الأمل كشاب هو أن بعض المنظمات، مثل أكشن إيد، توفر مساحات للشباب ليكونوا شركاء — على الأقل على الأرض — وكمجموعة في تحديد كل الاحتياجات اللازمة لتقديم الخدمات. نحن، كفريق، لدينا القدرة على اتخاذ القرار بشكل مستقل، لكن أكشن إيد توفر لنا كل الدعم والموارد اللازمة. نحن ندفع بالمزيد من المنظمات الدولية للقيام بالمثل وتوفير هذه المساحات للشباب، حتى يتمكنوا من المشاركة في صنع القرار وتنفيذ ما هو مطلوب على الأرض. فهم حاضرون على الأرض وفي الميدان، لكنهم غائبون عن صنع القرار، حتى داخل المنظمات الدولية."

تعكس قصة فؤاد واقع آلاف الشباب في غزة. فالتحديات التي يواجهونها هائلة — من منازل مدمرة، ووظائف ضائعة، وفرص محجوبة، وشوارع غير آمنة. ومع ذلك، يستمرون في التكيف، والتعلّم، والعطاء لمجتمعاتهم رغم المخاطر

ما يحفّز فؤاد على الاستمرار هو حبه العميق للعمل الإنساني وأمله الثابت في أن يقود الشباب يومًا ما إعادة إعمار غزة — ليس فقط منازلها، بل مستقبلها كله. ويقولرسالتي إلى العالم هي: الضغط على صانعي القرار لوقف هذه الحرب المجنونة. الشعب الفلسطيني لا يطلب أكثر من ضمان حقوقه وفق المعايير والقوانين الدولية، وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة التي تحظى بإجماع دولي وعالمي."

نبذة عن مؤسسة آكشن إيد الدولية 

مؤسسة آكشن إيد الدولية هي إتحاد عالمي تعمل مع ما يزيد على 41 مليون شخص يعيشون في أكثر من 72 من دول العالم الأكثر فقرا. نسعى لرؤية عالم يتسم بالعدالة والاستدامة، حيث يتمتع كل فرد بالحق في الحياة الكريمة والحرية وعالم خال من الفقر والإضطهاد. نعمل لتحقيق العدالة الإجتماعية ومساواة النوع الاجتماعي وإستئصال الفقر. باشرت مؤسسة أكشن إيد-فلسطين عملها في فلسطين في عام 2007 لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني ايمانا في حقه بالتمتع بالحرية والعدالة وحق تقرير المصير. تنفذ مؤسسة أكشن إيد فلسطين عدة برامج من خلال انخراطها مع المجتمع الفلسطيني والمجموعات الشبابية والنساء حيث تسعى الى تمكين النساء والشباب وتعزيز مشاركتهم\هن المدنية والسياسية الفاعلة لفهم حقوقهم\هن والاضطلاع بالنشاط الجماعي للتعامل مع إنتهاكات الحقوق الناجمة عن الاحتلال طويل الأمد، إضافة الى تحسين قدرتهم القيادية وممارسة مواطنتهم في مساءلة السلطات والجهات المسؤولة الأخرى

لمزيد من المعلومات، يرجى الاتصال ب:

رهام جعفري

مسؤولة التواصل والمناصرة في مؤسسة أكشن إيد-فلسطين في فلسطين  

البريد الإلكترونيRiham.Jafari@actionaid.org