منظمة آكشن إيد الدولية : المرأة الفلسطينية تتولى قيادة العمل الإنساني رغم القتل والدمار والنزوح والاقتحامات وغياب الحماية الدولية
فلسطين - تدعو منظمة أكشن إيد الدولية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، الذي يصادف 8 آذار من كل عام إلى اتخاذ إجراءات لإنهاء الوضع الكارثي الذي تواجهه النساء الفلسطينيات في غزة والضفة الغربية وسط الأزمة المستمرة في المنطقة، حيث تم التخلي عنهن من قبل المجتمع الدولي. عمليات القصف الإسرائيلية العشوائية في غزة لم تحصد أرواح حوالي من 9000 إمرأة وإصابة ما يقارب 6300 امرأة حتى الآن فحسب، بل أدت أيضاً إلى نزوح عدد لا يحصى من النساء، وتحويل منازلهن إلى أنقاض، وتمزق أسرهن. وفي خضم هذه الفوضى، تحاول النساء فقط البقاء على قيد الحياة وسط صدمة لا يمكن تصورها، في ظروف بالكاد يحصلن فيها على الرعاية الصحية والتعليم وحتى المنتجات الصحية، حيث أصبح توفير هذه المستلزمات ترفًا لهن.
تتحدث رغد وهي أخصائية نفسية اجتماعية تدعم النساء النازحات: " لقد تعرضت النساء هنا للإيذاء الإقتصادي والجسدي والنفسي والاجتماعي. هناك الآن العديد من النساء اللواتي فقدن أزواجهن بسبب الحرب... هناك العديد من النساء الحوامل اللواتي وضعن مواليدهن في الشهر التاسع بدون وجود أزواجهن بسبب الفقدان. هذا الوضع سبب الإكتئاب الشديد والضغط النفسي والحزن ومشاعر الفقد، وهو ما يُعرف في علم النفس باضطراب ما بعد الصدمة. يعاني معظم الأطفال أيضًا من الحزن والحركة المفرطة وفقدان الذاكرة، والنسيان الكثير والتبول اللاإرادي وقضم الأظافر والكوابيس.
إن محدودية الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم، تؤدي إلى تفاقم الظروف المروعة التي تواجهها النساء والفتيات في غزة. يوجد حاليًا اكثر 600,000 امرأة وفتاة في غزة في فترة الحيض، ويضطر بعضهن إلى تقطيع قصاصات خيام اللاجئين بدلاً من المنتجات الصحية. ووفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن خطر الموت جوعا في غزة يتزايد، مما يؤثر بشكل كبير على الأطفال والنساء الحوامل. يتفاقم هذا الأمر بسبب عدم كفاية خدمات المياه والصرف الصحي والخدمات الصحية، وانقطاع إمدادات الطاقة والوقود، وتدمير إنتاج الغذاء والزراعة.
سوزان تعمل قابلة، تدعم النساء النازحات في غزة خلال الولادة وتوفير الرعاية لهن قبل الولادة وبعدها. وهي تعمل حاليًا في مدرسة تُستخدم كمركز إيواء للنساء والأطفال النازحين، حيث تعتني بـ 100 امرأة حامل و20 امرأة من حديثات الولادة. تتحدث سوزان: " نقوم بأعمال الطوارئ، حيث تعطي المستشفيات الأولوية للحالات الطارئة التي تتطلب اهتماما فوريا، مثل الحالات التي تعاني فيها النساء من نزيف أو مضاعفات أخرى. نتابع مع النساء من خلال تقديم المشورة والتوجيه، ونركز على أهمية الرضاعة الطبيعية."
أشارت وزارة الصحة في غزة إلى وفاة مايزيد على 15 طفل رضيع بسبب سوء التغذية والجفاف. كما تم الإبلاغ عن ارتفاع في فقر الدم بين النساء الحوامل في عيادة مشروع الأمل في دير البلح، حيث ظهرت على حوالي 21 بالمائة من 416 امرأة حامل اللواتي قدمن إلى العيادة بين 5 و24 شباط علامات سوء التغذية "الناجم عن نقص البروتين والحديد، وغيرها من المغذيات الدقيقة، ونقص هذه المكونات قد تزيد من خطر حدوث نزيف ما بعد الولادة الذي يهدد الحياة، والولادة المبكرة، وانخفاض الوزن عند الولادة.
لكن محنة المرأة الفلسطينية تمتد إلى ما هو أبعد من قطاع غزة المحاصر، ففي الضفة الغربية، تعاني النساء في أماكن مثل مخيم جنين للاجئين من الإقتحامات اليومية وما يرافقها من العنف والقمع من قبل القوات الإسرائيلية، وتتحول حياتهن إلى حالة دائمة من الخوف وعدم اليقين.
نور* التي تعيش في مخيم جنين للاجئين تصف حياتها اليومية؛ "اليوم، تشعر النساء بالإحباط والخوف والتوتر. وخاصة أولئك اللواتي فقدن أفراد الأسرة؛ الأزواج والأطفال والأمهات. مما جعلهن يعيشن في حالة دائمة من التوتر والقلق وعدم الاستقرار. وتلعب النساء في المخيم اليوم دورًا رئيسيًا في حماية أسرهن وأنفسهن في ظل غياب الحماية الدولية للاجئين، سواء كان ذلك في مخيم جنين، أو في أي جزء آخر من فلسطين. تحاول الأمهات اليوم السيطرة على غضبهن، وإخفاء حزنهن ومشاعر القهر والظلم، من أجل الحصول على قليل من الأمل، ومساحة لأطفالهن ليعيشوا حياة مستقرة وآمنة نسبياً" .
على الرغم من هذه التحديات التي لا يمكن التغلب عليها، فإن المرأة الفلسطينية تظهر تحديا وصمودا وتضامن مطلق، حيث تعمل المرأة على مواساة المكلومين وتشكيل شبكات المساعدة الأساسية من أجل البقاء والدفاع بقوة عن حقوق النساء والفتيات وسط الاحتلال والحرب، فإنهن يتنقلن في مشهد من الدمار بشجاعة وعزم لا مثيل لهما. لكن لا ينبغي عليهن أن يفعلن ذلك بمفردهم، ولا ينبغي لهن أن يكن في هذا الموقف على الإطلاق.
لقد خلقت الحرب في غزة أزمة إنسانية حيث من الصعب الوصول الى المستلزمات الضرورية بسبب عدم توفرها أو اسعارها الباهظة. هناك نقص في الحفاضات، مما يجعل الأمهات اللواتي نزح العديد منهن عدة مرات، يواجهن قرارات صعبة أثناء رعاية أطفالهن الرضع والأطفال الصغار. عملت ميساء قبل بدء الحرب في مركز تدريب، حيث قدمت تدريبًا مجانيًا على الخياطة وفنون الماكياج للنساء والفتيات حتى يتمكن من تعلم مهارات جديدة وتوليد الدخل، حيث كانت الفرص الاقتصادية قليلة على الرغم من إضطرار المركز إلى وقف عمله في بداية الحرب، لكن لاحظت ميساء لاحقًا نقصًا في حفاضات الأطفال وبدأت التفكير في إيجاد فرصة لدعم النساء الأخريات في محيطها اللواتي لديهن أطفال صغار . بدأت ميساء، جنبًا إلى جنب مع طالباتها السابقات في الحصول على المواد التي يمكن استخدامها وإنشاء مصنع صغير لإنتاج وبيع حفاضات عالية الجودة للعائلات المحتاجة وبأسعار في متناول الجميع. ولتلبية الطلب المرتفع، قام المصنع الآن بتوسيع فريقه، وتوفير العمل للنساء اللواتي نزحن خلال الحرب.
تتحدث ميساء : "لاحظنا نقص حفاضات الأطفال في السوق. لم تكن الحفاضات متوفرة ولا توجد مواد خام لإنتاج الحفاضات الحفاضات. لقد بدأنا جهودنا في تصنيع الحفاضات بكل ما يتوفر لدينا. زاد الطلب على منتجاتنا ويرجع ذلك إلى الجودة الجيدة على الرغم من الوضع الحالي في غزة .الناس سعداء بالحصول على منتجاتنا، لكن للأسف، لا يمكننا تصنيع ما يكفي من الحفاضات لتلبية الطلب. أنا لا أعتبر نفسي بطلة. أنا مجرد شخص عادي… جميعنا بحاجة إلى مساعدة ودعم بعضنا البعض، وأنا أقوم بدوري فقط".
تتحدث بثينة صبح ، مديرة جمعية وفاق لرعاية الطفل والمرأة وهي شريك لمنظمة أكشن إيد فلسطين في غزة، عن الظروف الكارثية في غزة والدعم الذي تقدمه الجمعية لدعم المجتمعات؛ نواصل عملنا منذ بداية الحرب بدعم من منظمة أكشن إيد، في المساعدة وتوفير المواد الغذائية والمنتجات الصحية والنظافة ما زلنا صامدين، حتى بعد كل الأحداث الحزينة والمروعة".
ندرك في منظمة آكشن إيد الدولية بأن المساعدات والدعم المحدود الهام الذي يمكننا تقديمه هو مجرد قطرة في محيط مقارنة بالمساعدة العاجلة المنقذة للحياة اللازمة لأكثر من 1.9 مليون شخص في غزة الذين نزحوا من منازلهم في مدينة غزة. هناك حاجة ماسة إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار لوقف القتل العشوائي للمدنيين في غزة وتقديم المساعدة الإنسانية بالحجم المطلوب لمواجهة الوضع الكارثي على الأرض.
وفي الوقت نفسه، تقف ملايين النساء في جميع أنحاء العالم جنبًا إلى جنب تضامنًا مع النساء في فلسطين. تتنوع أشكال التضامن الذي تظهره النساء المتضامنات حول العالم يواصلن المشاركة في الاحتجاجات، إلى الكتابة إلى ممثليهن في البرلمان، والتوقيع على العرائض والتبرع للدعم، كانت النساء يقودن الحركة من أجل العدالة والمساءلة في جميع أنحاء العالم.
تتحدث مسؤولة التواصل والمناصرة في مؤسسة آكشن إيد-فلسطين رهام جعفري: "في اليوم العالمي للمرأة، من الضروري أن يفتح المجتمع الدولي عينيه على معاناة النساء والفتيات الفلسطينيات التي لا يمكن وصفها في قطاع غزة. نساء غزة من بيسان وميساء وبثينة وآمنة وسحر والآلاف الأخريات، هن القادرات على العمل سويا على بناء مجتمعهن المحطم، بينما يواصل العالم صمته. فالنساء والفتيات الفلسطينيات اللواتي تخلى عنهن العالم الذي يدعي التمسك بحقوق الإنسان، يشكلن العمود الفقري لمجتمعاتهن المحلية . لقد حان الوقت لكي يعترف المجتمع الدولي وأصحاب السلطة بفشلهم الذريع في حماية الفئات الأكثر ضعفاً، واتخاذ إجراءات فورية لوقف الحرب وحماية حياة النساء والفتيات في غزة. إن الدعوة إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار لا يمكن أن تنتظر أكثر من ذلك"
نبذة عن مؤسسة آكشن إيد الدولية
مؤسسة آكشن إيد الدولية هي إتحاد عالمي تعمل مع ما يزيد على 41 مليون شخص يعيشون في أكثر من 72 من دول العالم الأكثر فقرا. نسعى لرؤية عالم يتسم بالعدالة والاستدامة، حيث يتمتع كل فرد بالحق في الحياة الكريمة والحرية وعالم خال من الفقر والإضطهاد. نعمل لتحقيق العدالة الإجتماعية ومساواة النوع الاجتماعي وإستئصال الفقر. باشرت مؤسسة أكشن إيد-فلسطين عملها في فلسطين في عام 2007 لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني ايمانا في حقه بالتمتع بالحرية والعدالة وحق تقرير المصير. تنفذ مؤسسة أكشن إيد فلسطين عدة برامج من خلال انخراطها مع المجتمع الفلسطيني والمجموعات الشبابية والنساء حيث تسعى الى تمكين النساء والشباب وتعزيز مشاركتهم\هن المدنية والسياسية الفاعلة لفهم حقوقهم\هن والاضطلاع بالنشاط الجماعي للتعامل مع إنتهاكات الحقوق الناجمة عن الاحتلال طويل الأمد، إضافة الى تحسين قدرتهم القيادية وممارسة مواطنتهم في مساءلة السلطات والجهات المسؤولة الأخرى.
لمزيد من المعلومات، يرجى الاتصال ب:
رهام جعفري
مسؤولة التواصل والمناصرة في مؤسسة أكشن إيد-فلسطين في فلسطين
هاتف: 00972022213137